هذا الأمر فتح الباب على مصراعيه أمام شريحة جديدة من الرياديين وأصحاب الأفكار الإبداعية، الذين قدموا مشاريع صغيرة وريادية في مجال التقنيات الحديثة وتطبيقات الأجهزة الذكية، تنافس في قوتها وجودة خدماتها كبرى المشروعات القائمة منذ سنوات.
المشاريع الريادية في مجال الإلكترونيات، عالم واسع، والدخول إليه لا يخلو من المغامرة، فإما نجاح يليه تحقيق مكاسب مالية، أو خسارة محسوبة، والمحاولة مجدداً، فالأمر لا يتعلق فقط بالحظ والمجازفة، بل يعتمد على دراسة السوق والتخطيط والإدارة السليمة والمتابعة والتسويق الصحيح ومن ثم التقييم المهني لمواضع القوة والضعف في المشروع، والاستفادة من هذا التقييم في تحسين وتطوير المشروع بهدف زيادة حجم العمل والوصول – ربما – إلى استقبال طلبات من رجال الأعمال للاستثمار في هذا المشروع الناجح.
ورغم احتمالية النجاح الذي قد يحققه أي مشروع ريادي، إلا أن المخاطرة أيضاً كبيرة، وقد تؤثر على المشروع وعلى رأس المال، لذلك يجب أن تؤخذ هذه المخاطر بعين الاعتبار عند التخطيط للمشروع الريادي.
وتعتبر المملكة العربية السعودية أرضا خصبة للمشاريع الريادية، من خلال اقتصادها المزدهر والفرص في العديد من المجالات، حيث أن حوالي 76.3٪ من السكان البالغين في المملكة “يدركون فرصًا جيدة لبدء عمل تجاري”، وقد احتلت المملكة المرتبة الثانية من بين 49 دولة شملتها الدراسة التي أعدها المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2019.
وتهدف رؤية السعودية 2030 من خلال أحد محاورها الرئيسية “اقتصاد مزدهر”، إلى تحفيز الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل، الأمر الذي يؤكد على أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، وتؤكد الرؤية أنه من التزامات رؤية السعودية 2030 في هذا الجانب هو زيادة مساهمة هذه المشروعات في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية من 20٪ إلى 35٪ بحلول عام 2030.
وقد بدأ العمل على تطبيق هذه الالتزامات على سبيل المثال من خلال قيام الحكومة السعودية بضخ مبلغ 72 مليار ريال سعودي لتنشيط القطاع الخاص، تم تخصيص جزء كبير منه لدعم نمو قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافةً إلى ذلك، تم إنشاء صندوق استثماري “صناديق” برأس مال قدره 4 مليارات ريال سعودي بهدف جذب مشاركة القطاع الخاص من خلال الاستثمارات في صناديق “رأس المال الجريء” وكذلك الملكية الخاصة.
وفي القطاع التقني قدمت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مليار ريال سعودي لدعم المبادرات في هذا القطاع، كما قامت هيئة السوق المالية السعودية بمنح تصاريح تجريبية للتقنية المالية، وذلك لتقديم خدمة تمويل الملكية الجماعية. كما بدأت الهيئة العامة للاستثمار منذ عام 2017، بمنح رواد الأعمال الدوليين رخصة ابتكار للتعاون مع منصات معتمدة مثل الجامعات السعودية وحاضنات ومسرعات الأعمال، تمنحهم الفرصة للتوسع وممارسة أنشطة أعمالهم الريادية في المملكة العربية السعودية.
وفي حين تعتبر المملكة العربية السعودية، والتي تتمتع بإمكانيات كبيرة ومتطورة جدا، حاضنة كبرى للعديد من المشاريع الريادية، تعتبر في نفس الوقت من أصعب الأسواق المحلية التي تحتاج دراسة معمقة قبل الدخول في أي مشروع ريادي، ومع هذا فقد ظهرت مؤخرا مجموعة كبيرة من الأفكار والمشاريع الريادية في مجال التقنيات الحديثة والاستفادة منها، وسنذكر لكم في هذا المقال أفضل 10 مشاريع ريادية إلكترونية وفقا لرؤية الكاتب:
- (1) شركة باي تابس PAYTABS
تعتبر من الشركات الأولى على مستوى الشركات الريادية التي تعمل في مجال الخدمات المالية، فقد احتلت المركز الأول على منافسيها، وقد تأسست على يد عبد العزيز فهد الجوف عام 2013، وتم تمويلها بمبلغ 16.5 مليون دولار، وقامت شركة أرامكو السعودية بالاستثمار في الشركة.
باي تابس هي شركة مزودة لحلول الدفع المريحة والآمنة المخصصة للعمليات التجارية بين الشركات والمؤسسات التجارية، وتمكين الشركات من استلام المدفوعات عبر الإنترنت باستخدام التقنية المتطورة التي تقدمها المبنية على السوق الحالية، كما تعمل الشركة على تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة المتنامية وسوق التجارة الإلكترونية، وقد تم اعتماد أنظمة الشركة لإدارة الأمن الطبقي من قبل فيزا وماستر كارد.
تأسست الشركة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا عام 2013، على يد كل من عبد الواحد ومحمد الزايدي، وبيتر راوتك، لتقدم خدمات “الواقع الافتراضي” على مستوى المملكة والخليج، ويتم تطوير مشاريع وأعمال الواقع الافتراضي عن طريق مطورين لديهم خلفية قوية في مجال الواقع الافتراضي باستخدام معدات عالية التقنية، وتم الاستثمار والتمويل فيها بمبلغ 250 ألف دولار من قِبل صندوق دعم الابتكار التابع لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
تُنتج الشركة محتوى للواقع الافتراضي ونظّارةً تحمل اسم “كُن هناك”Be There، تشبه نظّارة “جوجل” الافتراضية، كما تقدّم خدمات مثل تصميم وتطوير المحتوى والتطبيقات خصوصاً في مجال الواقع الافتراضي.
ووفقا لموقع الشركة فقد “تم تصنيف شركة التجربة البصرية ضمن أكثر خمسين شركة واعدة في المملكة العربية السعودية والذي تم بواسطة مجلة فوربس الشهيرة، وتتمتع الشركة بشراكات في جميع أنحاء الخليج العربي مع مؤسسات وشركات كبرى مثل أرامكو وسابك ووزارة الحج والعمرة وهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة”.
قام بتأسيس الشركة كل من أحمد الزيني ومصعب العثماني عام 2013م، وتقدم نظام إدارة مطاعم يستند إلى الخدمة السحابية على أجهزة الآيباد. ووفقا لموقع الشركة فقد “أحدثت فودكس منذ إنشائها ثورةً في عالم الحلول التقنية في مجال الأغذية بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتتلخص رسالتها في توفير نظام إدارة مطاعم سهل الاستخدام”.
تم تأسيس الشركة على يد فيصل الفردوس عام 2014م، وتم التمويل فيها من خلال شركة أرامكو السعودية بمبلغ 375 ألف دولار، وهي شركة تقنيات متقدمة تعمل في مجال الخدمات الإلكترونية، ويصف موقع الشركة عملها بأنه “يمكن الآن للمطارات والمستشفيات ومراكز التسوق والمتاحف وحدائق الملاهي وحتى الملاعب، التفاعل مع زوارهم أثناء التنقل، في الداخل والخارج في بداية رائعة باستخدام حلنا المتقن لرسم الخرائط الرقمية والملاحة الداخلية”.
تأسست شركة أنظمة الاستشعار اللاسلكية “سديم” عام 2016م، على يد أحمد دحوة، مصطفى موسى، استيبان كانيبا ، وكريستيان كلاوديل، وتعمل في مجال الرصد المباشر للفيضانات وحركة المرور في المدن، وحصلت على عدة براءات اختراع في هذا المجال، وتشمل التقنيات شبكات الاستشعار اللاسلكية، وتطبيقات الهاتف المحمول، ومنصة الخرائط الجغرافية، وقد تم الاستثمار فيها وتمويلها من خلال صندوق دعم الابتكار التابع لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
يوفر تطبيق كيورا إمكانية استشارة المئات من الأطباء من جميع الاختصاصات عن بُعد وفي مكان واحد، تم تأسيس هذه الشركة من خلال وائل كابلي، عبد الله السواحه، محمد ذكر الله، عام 2015م، وتعتبر نفسها منصة واحدة تجمع كافة الاستشارات والاستفسارات الطبية، بشكل آمن ومشفر يتم الإشراف عليه من قبل لجنة طبية متخصصة، وقد تم تمويلها بمبلغ وصل إلى 800 ألف دولار.
كما يقدم “كيورا” خدمة استشارة الأطباء والطبيبات عبر الرسائل المباشرة ومكالمات الفيديو المباشر بدون مواعيد مسبقة، والتي تعتبر الحل الأمثل للحالات المستعجلة والطارئة.
- (7)شركة يوتيرن UTURN:
تعمل شركة يوتيرن في المجال الإعلامي وحصلت على تمويل وصل إلى 10 ملايين دولار من قِبل شركة Leap Ventures، تم تأسيسها على يد قسورة الخطيب عام 2010م، وقد أطلقت الشركة قناة على يوتيوب والتي حصلت حتى نهاية عام 2019 على مئات الآلاف من المتابعين وتصل عدد مشاهداتها إلى أكثر من مليون مشاهدة.
ووفقا لموقع الشركة، “تقدم يوتيرن محتويات إعلانية تلبي رغبات الزبائن بحسب احتياجاتهم من خلال توظيف استراتيجيات مدروسة بعناية من قبل فريق الإنتاج وإنشاء المحتوى، مما توفر نتائج ترضي العملاء.”
كما تقدم الشركة خدمات استشارية، حيث يفيد موقع الشركة بأنها “قامت بالمشاركة والتعاون مع العديد من الجهات مثل مساحات العمل المشتركة والفعاليات الاجتماعية والجهات الحكومية والشركات الكبرى بجذب الجمهور و تحفيزهم على التفاعل الإيجابي عن طريق إنشاء المحتوى المناسب”.
تأسست الشركة على يد كل من أنس دهلوي، لوكا باسون، نيل سميث، محمد شلبى، عام 2015م، وهي شركة يرتكز عملها على “المسح ثلاثي الأبعاد” و”رسم الخرائط” بواسطة أنظمة الطائرات بدون طيار مع ضمان التكامل للطائرات والمروحيات وحلول البرامج ثلاثية الأبعاد.
تم تمويل الشركة عند انطلاقها بمبلغ 1.1 مليون دولار، ووفقا لموقع الشركة “تُجرى جميع عمليات تصميم وتصنيع وتقييم أداء FalconViz Drone في المملكة العربية السعودية لتلبية أعلى المعايير وتلبية الاحتياجات المخصصة للعملاء”. وتعتبر الشركة “نتاج أحدث التقنيات التي تخرج من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST)”.
لدى الشركة أكثر من خمس سنوات من الخبرة وتوظف فريقا معتمدا في تصميم الطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى خبرة لأكثر من عشر سنوات في المسح ورسم خرائط نظم المعلومات الجغرافية ونمذجة CAD والتصوير ثلاثي الأبعاد، ولديها “براءات اختراع دولية ومحلية في أجهزة وبرامج وتصميم الطائرات بدون طيار”، كما يذكر موقع الشركة.
تم تأسيس الشركة من خلال مجاهد المرغلاني، سليم برناوي، أحمد مريعاني عام 2015م، وتم الاستثمار فيها وتمويلها بمبلغ 288 ألف دولار، وهي عبارة عن تطبيق إلكتروني لتسهيل الحصول على خدمات الصيانة المنزلية وأعمال البناء في أقل وقت ممكن، حيث يقوم التطبيق بالربط بين طالب الخدمة من أصحاب المنازل أو الشركات، بمزودي خدمة الصيانة المحترفين مثل السباكة والنجارة والحدادة وغيرها، تم تكريم أصحاب الشركة من مجلة “فوربس” كأفضل رواد أعمال، وفازت بجائزة (Get in the ring) المدعومة من STC، وحصلت خلال عام 2016 على جائزة أفضل عمل ريادي في معرض شباب الأعمال في جدة.
- (10) شركة جيبلي
شركة متخصصة بالطلبات الصغيرة والفردية، مثل تأمين شراء الالكترونيات والإكسسوارات التابعة لها وغيرها، وبإمكان العميل وضع الرابط للمنتج على موقع الشركة فتقوم بشرائه وإيصاله إلى العميل.
بدأت “جيبلي” بنظام الشراء عن طريق المسافرين، وتطور أداؤها حتى أصبحت تتعامل مع الشركات مباشرة، وأصبحت أسعارها أفضل من سعر السوق بمراحل، ويرغب أصحاب الشركة في السيطرة على السوق من خلال النجاح الذي حققوه وأيضا من خلال مضاعفة أسهم المستثمرين، ومواكبة التكنولوجيا من أجل التوصل إلى كل ما تطمح إليه الشركة.
ختاما من المهم ذكر أبرز حاضنات المشاريع الريادية ومسرعات الأعمال في المملكة، وعلى رأسها عدد من الجامعات السعودية، مثل جامعة الملك سعود، التي تنفذ برامج داعمة بالتعاون مع البنك الأهلي مثل جمعية ريادة الأعمال.
وتهتم المملكة بشكل كبير بحاضنات ومسرعات الأعمال، مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا ومركز الملك سلمان للشباب، ووادي مكة للتقنية، وصندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة، وغيرها من الحاضنات التي تعد إحدى قطاعات منظومة الأعمال والمعرفة، التي تدعم وتساند الأفكار والمشاريع، وتقوم برعاية الأفكار الإبداعية ذات الطابع الاستثماري.